رسالة من بين غبار غزة
من بينِ غُبار غزةَ القاتل وحُطام بيوتها، من وِسطِ غزةَ التي تُباد بقهرٍ على مرأى العالم وبيدٍ ترتجفُ الآن، وهي تكتب.
ثلاثون يومًا عُشتُ بهنَّ رعبًا تعبًا خوفًا عجزًا بكاءً ألمًا نفسيًا جسديًا ووجعًا لم يسبق لي أن شعرت بهِ في حياتي بدفعةٍ واحدة بتزايدٍ لا يهدأ وبشكل مستمر.
أودُّ لو أنَّ هُناك كلمةً في معجم لغات العالم تصفُ بحقٍ ما نعيشه؛ لكن الذي نعيشهُ أكبرُ من أن يُوصف أو يُسرد!
أتساءلُ بعجبٍ وذهول: يا عالم هل دماؤنا مُستباحة للقتل؟
هل قلوبنا مُستباحة للوجع؟
هل عيوننا مُستباحة للدمع؟
أمن المعقول أننا قد نُفينا من هذه الأرض؟
هل نُفي الاعتراف بكوننا أناساً، وبشر لهم الحق في الحياة؟
ألا يحقُ لنا العيش كما يعيش الناس بحياتهم العادية؟
من نحنُ إذًا؟ هل نحن زيادةً على هذا الكون، ويريدون إبادتنا والتخلص منا لكوننا فقط نُريد حقنا في الحياة؟
كنت أشاهد وأنا طفلة برامج أطفال تعرضُ إبادات جماعية لشعبٍ أراد العيشَ في أرضه بكرامةٍ وعزة؛
هل هذا ما يُريده العالم أن تبقى قوى الشر مُستحكمةً على الضُعفاء، ولا يتفوهُ العالم بكلمةٍ واحدة!
إذًا لماذا قد أسسوا منظماتٍ عالمية لحقوق الإنسان؟
ونحن لا نرى حقوقنا كأناس كما ينعم بها الباقون وعاجزون عن فرض الحماية لنا باتفاقياتهم الكاذبة؟
لماذا قد يعترفون بمنظمة عفو ومنظمة يونيسف ومنظمة حماية الأطفال والنساء العالمية على حدِ قولهم، ولا يعملُون بما قد أسسوا نظامهم هذا بمساواة؟
هل هذهِ هيَ شريعةُ الغاب التي تساءلت عنها مرارًا؟
هذا العالم سيئ ومُجحف وغيرُ عادل، وكُله زيفٌ وخداع.
وكإنسانة لم أحصل على حقي في الحياة ولا في الحمايةِ والأمان ولا حقي في أي حقٍ من المُفترض أن أحصل عليه
أشتمُ كل القرارات الدولية، وكل الحقوق الدولية
وكل قواكم التي تنهالُ فوق رؤوسنا بلا توقف
واعلموا أن الله سيحاسبكم عن كل دمعةِ طفلٍ وامرأة ورجل وشيخ وعجوز، وكل رجفةِ قلبٍ قد نُسجت في أرواحنا جميعًا بلا توقف، وكل ألمٍ ووجعٍ همَّ بنا.
أنتم معكم جيوشكم وقواكم، وتحسبوننا ضُعفاء
ولا تعلمون أن الله معنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال تعالى "إن الله على كُل شيءٍ شهيد"