0%

إلى صديقي الروائي عمر حمّش


ترقد أعمالك الآن، "أزهار إلى مقبرة المخيم"، و"الخروج من القمقم"، و"عودة كنعان، و" في حزيران قديم" على حائط مهدم، وتنظر إليك معاتبة: لماذا أنجبتنا؟ لتتركنا مشردين في شوارع بلا قرّاء؟ فتعتذر إليها بدمعةٍ لا يفهمها أحد، وتنظر إلى المطلق نظرة فارغة وتسأل: أكان كل ما عشنا من أجله وهماً؟ فيجيبك الأفق بصوت لا يسمعه سواك: ستبقى كلماتك إلى الأبد.


منذ 4 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 4 دقيقة
من القلائل النادرين الذين تحمسوا لمشروعي أنا وعثمان حسين في أول التسعينات، وقبل أن نصدر كتابنا الأول، كان يقول لي بصوته الغريب: إدعس وتسألش عن حدا.
أعرف يا صديقي أنك الآن مشنشل بالروايات، لكن لا مزاجك ولا تزاحم الأفكار يجعلك قادراً على الكتابة، وأنت الذي كنت تتجنب المشهد لأنه لا يعجبك أن يكون "المثقفون" بملابس عسكرية مبتذلة، أو يترأس العسكريون ندوات الفلسفة، كنت ظرفاً مختوماً لم نجرؤ يوماً على فتحه لأننا نعرف أن ما بداخله سيرعبنا.
حين ذهبت زوجتك إلى خالقها، تكسّر قلبك إلى شذرات من الألم واللوعة والأسى، لكن الوقت لم يمهلك لتكمل حزنك، فيأخذ ابنك سامر وكأنه في سباق معك، لكنه لا يعرفك كما نعرفك.
أعرف أيضاً أنك كنت ترتبك حين تخرج من بيتك لنصف ساعة لتقضي غرضاً، فما بالك وأنت خارجه منذ عام كامل؟ أراك وأنت تحاور القداحة قبل أن تشعل سيجارتك اليتيمة، وتشمل الأوضاع بشتيمة أدبية، لا أستطيع ذكرها.
قليلون هم من يعرفون أنك أحد مؤسسي اتحاد الكتاب الفلسطينيين 1984م وعضو الهيئة الإدارية فيه، وأنك كنت سجينا أربع مرات من قبل، وأنك من مؤسسي حزب الشعب قبل انسحابك منه عام 1990،
قليل من يعرفون أنك صاحب جائزة فلسطين للآداب عن مجمل أعمالك لعام 2022، وصاحب جائزة الشهيد ماجد أبو شرار في القصة القصيرة عام 1989م.
ترقد أعمالك الآن، "أزهار إلى مقبرة المخيم"، و"الخروج من القمقم"، و"عودة كنعان، و" في حزيران قديم" على حائط مهدم، وتنظر إليك معاتبة: لماذا أنجبتنا؟ لتتركنا مشردين في شوارع بلا قرّاء؟ فتعتذر إليها بدمعةٍ لا يفهمها أحد، وتنظر إلى المطلق نظرة فارغة وتسأل: أكان كل ما عشنا من أجله وهماً؟ فيجيبك الأفق بصوت لا يسمعه سواك: ستبقى كلماتك إلى الأبد.
 
- نشرت أولا في حساب خالد جمعة (اضغط هنا)

الوسوم

عمر حمش روايات غزة أدب

شارك


x