صرت كثير الأحلام
حينما صرتُ أكثر زهدًا بعد السابع من أكتوبر، صارت تأتيني أحلام مضاعفة في المنام. كتبتُ منذ أسبوعين حلمًا من ألف
صرتُ كثيرَ الأحلام، نمتُ مُجهدًا أم قيلولةً، تجتاحني وتراودني، كنتُ قديمًا أحلمُ في الواقع، في اليقظة، وأمارسُ أدوار الحياةِ بجهدٍ مضاعف للوصول، وحينما صرتُ أكثر زهدًا بعد السابع من أكتوبر، صارت تأتيني أحلام مضاعفة في المنام. كتبتُ منذ أسبوعين حلمًا من ألف، وليلة أمس رأيتُ أطنانًا من أكياس الطحين في حارتنا، مثل البساط الأبيض، ترى أولها دون آخرها، بياضٌ لا نهاية له من الطحين، وقلت: هذا يكفي لأعوام لن نجوع بعد الآن! ولا أعرف كيف أنتقي عباراتي بكثافة هكذا في المنام، نمت اليومَ ساعةً، فرأيتني أتجوّل في سوق الشيخ رضوان العامر، رأيت الكثير من الأصدقاء ومنهم الشهداء بائعين ومشترين، تختلط الأحلام عندي بين الماضي وحوارٌ من الواقع، أو واقع وأمنية أستحضرها من الماضي، هذا خلطٌ غير مفهوم، لماذا هذا الكمّ الكبير من الأحلام التي تصلح كإسكتشات مسرحية، ولو جلستُ مع نفسي لأختارَ مشهدًا وحوارًا لسيناريو بعناية، لما وجدتُ أفضل مما يراودني في المنام، أحلام كثيفة ومعبرة. هل راودت أجدادي تلك الأحلام بعد النكبة؟ أخافُ أن ذلك حصل بالفعل، وعاشوا على الأمل الذي تسرّبه في النفوس في المرحلة الانتقالية، ثم رويدًا رويدًا انقطعت الأحلام بعد أن تعايشوا مع الأمر الواقع. أمّا أنا فأريدُ أن أكسرَ الكأس، لن أتغذى على الوهم، نعم أكتب، لأنّها آخر الحريات التي نسوا أن ينتزعوها منّا، ولكنّ هذا ليس الواقع المنشود، سأظلّ أقول للحلم أنت كاذب، لن أجعله يتسرّب للنفس ويسكّنها، وسأراقبُ الواقع جيدًا، لن أثق بالأحلام ثانيةً لأنها مخادعة ومضللة، حتى تثبت العكس.
- نشرت أولا في موقع قصص فلسطينية (المصدر)