أنا نور عاشور وهذه قصتي في حرب الإبادة الجماعية
أنا نور عاشور من قطاع غزّة، طالبة قانون في جامعة الأزهر، شاهدة على هذه الحرب من بدايتها لحد اليوم، اليوم 120 لهاي الحرب، بداية إحنا بيتنا كان في شمال قطاع غزّة، انقصف في حرب 2023 شهر مايو، وأعدنا بناءه وانتهينا منه في بداية شهر أكتوبر 2023 برضو (أيضًا)، سكننا في البيت بس أيام معدودة، وصارت الحرب، فلمّا صارت الحرب أجبرونا إنه إحنا نطلع من هادا البيت، ليش؟ لإنه هاي صارت منطقة قتال وصاروا يرموا اليهود مناشير وما إلى ذلك، انتقلنا لبيت تاني في شمال قطاع غزة برضو، وبعد أيام بسيطة انقصف بيتنا للمرة التانية، الآن إحنا صرنا في شمال قطاع غزة بس مش في بيتنا.
عشنا في الشّمال 50 يوم من أيام الحرب بكل تفاصيلها، البيت إلي كنا فيه بجانب مستشفى كمال عدوان، كنا من الشباك نشوف عشرات الشهداء يوميًّا بلا مبالغة، ببداية الحرب كانوا الشهداء ينتقلوا عبر الإسعافات، شوي شوي صاروا ينتقلوا من خلال عربات الحيوانات الدوابّ، بعد شوي صارت عربات الحمار وعربات الحصان مش متوفرة دايمًا فصار الواحد يكون ماسك ابنه شهيد بيجري فيه على المسشفى، أنا مرّة موقف شاهدته: كنا إحنا نايمين والساعة ستة الصبح قصفوا بيت كتير جنبنا، ف إحنا جرينا نشوف شو صار، بس وصلنا صارت الناس تجري من هاي المنطقة لإنه القصف كان كتير قوي، مجرد ما إحنا تطلعنا رموا عالنّاس وهي بتجري -أنا صوّرت يومها ونشرته على صفحتي على تويتر- رموا على النّاس كمان صاروخ وشفناهم وهم بموتوا، فعليًّا شفنا الناس والجثث والأطراف وهي بتتطاير هان وهان، فالوضع كان في الشّمال كارثي جدًّا، وكان يزداد سوءًا يوم بعد يوم.
قصفوا البيت إلي إحنا كنا فيه، قصفوا بيت عمّي وطلعنا من تحت الأنقاض بصعوبة، طلعنا ورحنا ع بيت تاني، وصار القصف في المنطقة التانية إلي إحنا فيها عند مستشفى اليمن السعيد، نمنا ليلة في مستشفى اليمن السعيد وبرضو الغارات الأحزمة الناريّة الصواريخ العشوائية المدفعية ما سكتوا ولا لحظة، فصرنا إحنا يا إما بدك تنجو بروحك يا إما بدك تموت، صار لو حدا مات ما فش مشكلة بس فش مستشفى، بطلت المستشفيات قادرة تستوعب كمّ أكبر، كنّا نسمع على الراديو يطلع مدير المستشفى الإندونيسي أو كمال عدوان يحكوا يا جماعة الخير إحنا فعليًّا بطّل المستشفى يستوعب مصابين أو جرحى أو إشي، فيومها إحنا قررنا إنه إحنا نروح للجنوب، ليش؟ مش خوفًا من الموت، ولكن إنه لو حدا صارله إشي لا سمح الله ما في مستشفى يعالجه.
يومها رحنا للجنوب مشي، مشينا مسافة 6 ساعات، مرت عمّي (زوجة عمّي) كانت كبيرة في العُمر كنّا نزقّها (ندفعها) على كرسي متحرك وبنت عمي كذلك، كان معنا أطفال، لحد ما وصلنا الحاجز، طبعًا دمار جثث يكونوا عندك كلاب بسس، يعني الشوارع كانت متسخة كلها حجار، يعني مش بسهولة بنتنقل بصعوبة، كنّا حاملين شوية أغراض معانا، وصلنا لعند حاجز اليهود إلي همه كانوا حاطينه وبلش التفتيش والمراسم هاي، اقعدوا اقفوا طلعوا هويتكوا، صاروا يوخدوا الشباب، يعني وإحنا ماشيين جماعات جماعات يكون واحد ماشي مع إمه، يعني أنا بذكر موقف كان شب بزقّ في حج كبير يبدو أبوه أو سيده، فحكاله (الجندي الإسرائيلي) أنت يا أبو الأبيض تعال، قله أنا ماسك حدا بدي أساعده، قله لا سيبه (اتركه) وتعال، فعليًّا وصلهم الشبّ حكوله اشلح أواعيك (انزع ملابسك)، شلح أواعيه، وحطّوه، صاروا هيك على خاطرهم إلي بدهم إياه ياخدوه، سيّدات رجال إلي بدهم إياه إنه تعال هان أو تعال هان صاروا يوخدوا عندهم أسرى.
بس وصلنا الجنوب يوم عن يوم صار عدد النازحين يصير أكبر، إحنا لما وصلنا بعد خمسين يوم ما كان في خيم، كنت لما تشوف خيمة تستغرب، الآن يوم عن يوم انتقلوا أهل الوسطى أهل خانيونس بقيّة أهل الشّمال، نقلوهم كلهم جمّعوهم في منطقة الجنوب، بس جمّعوهم صارت الأسعار أغلى، صارت الأماكن الفاضية أول ما جينا خيم، بطّل في أماكن فاضية، فالوضع يزداد يوم بعد يوم سوءًا في الجنوب، وفي الشّمال برضو، فالآن غير الخمسين يوم إلي عشناهم في الشّمال صرنا عايشين كمان 70 يوم في الجنوب، طبعًا مع غلاء الأسعار مع التهديدات مع إنه إحنا خايفين على أهلنا إلي في الشمال، يعني صرنا نروح على السوق بدنا نشتري أكلة، يعني أقل طبخة عشان تطبخ تطعمي الصغار بدها تكلفك 100 دولار بدون مبالغة، عشان تروح تشتري مثلًا خضرة نوع لحمة وإشي زي هيك بصير بدك تدفع 100 دولار، ناهيك عن الأخبار المش حلوة إلي بنسمعها كلّ يوم، وهيك.